![أكد الخبير السعودي ورئيس مركز الخليج للأبحاث الدكتور عبد العزيز بن صقر أن الدعم الأمني والعسكري الأميركي للمملكة العربية السعودية على مدار العقود الماضية كان ولا يزال مدفوع الثمن، ولم يكن أبدا مجانا.
ويرى عبد العزيز بن صقر -في حوار مع الجزيرة نت- أن السر الذي حفظ علاقة التعاون الأمني والعسكري السعودي- الأميركي يكمن في استمرار عامل الحاجة المتبادلة لكلا الطرفين، مشددا على أن هذا الدعم قائم على أسس واقعية وعقلانية وليس عاطفية، أهمها حماية المصالح المشتركة لكلا الطرفين.](https://i0.wp.com/shortlink.grc.net/wp-content/uploads/2022/10/F7040939-9ECF-402E-AE3F-FB747C93F8B0.jpeg?resize=388%2C388&ssl=1)
*حوار رئيس مركز الخليج للأبحاث،*
*الدكتور عبد العزيز بن صقر،*
*لموقع «الجزيرة نت» بعنوان:*
*”خبير سعودي للجزيرة نت: الدعم العسكري الأميركي للرياض لم يكن مجانا وهذا سر الشراكة بين الدولتين”*
https://bit.ly/3gXRWkF
*30 أكتوبر 2022*
*الجزيرة نت*
أكد الخبير السعودي ورئيس مركز الخليج للأبحاث الدكتور عبد العزيز بن صقر أن الدعم الأمني والعسكري الأميركي للمملكة العربية السعودية على مدار العقود الماضية كان ولا يزال مدفوع الثمن، ولم يكن أبدا مجانا.
ويرى عبد العزيز بن صقر -في حوار مع الجزيرة نت- أن السر الذي حفظ علاقة التعاون الأمني والعسكري السعودي- الأميركي يكمن في استمرار عامل الحاجة المتبادلة لكلا الطرفين، مشددا على أن هذا الدعم قائم على أسس واقعية وعقلانية وليس عاطفية، أهمها حماية المصالح المشتركة لكلا الطرفين.
ويشير رئيس مركز الخليج للأبحاث إلى أن السعودية لا تستبعد صدور قرارات -قد تكون مؤقتة التأثير- تخص إعادة تقييم العلاقات بين الرياض وواشنطن، ومن ضمنها إعادة تقييم سياسة الدعم العسكري الأميركي، لكنه أكد أن ذلك سيكون ضمن حدود استمرار الالتزامات الأميركية بحماية مصادر الطاقة الدولية، وهو هدف أميركي أساسي، ارتفعت مؤخرا درجة أهميته.
لماذا تنظر الإدارة الأميركية لهذا القرار على أنه موجه ضدها تحديدا؟
قرار “أوبك بلس” خفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يوميا، من وجهه النظر السعودية كان قرارا اقتصاديا خاليا من الدوافع السياسية، والقراءة الأميركية كانت تركز على البعد السياسي الذي لم يكن من أولويات الحسابات السعودية. مع العلم أن موقف المملكة في المحافل الدولية قائم على إدانة قرار “الغزو الروسي لأوكرانيا”، ولا يوجد تعاطف سعودي رسمي أو شعبي مع التبريرات الروسية لعملية “غزو” أوكرانيا.
ولا يوجد مبرر لدى صناع القرار في المملكة لاتخاذ قرارات موجهة ضد الحليف الأميركي، ولكن الحليف الأميركي عليه أن يدرك أن السعودية دولة مستقلة ولها سيادة القرار ومن حقها حماية مصالحها الذاتية، وإحدى أهم مصالح الدولة بكونها دولة تعتمد على تصدير النفط هو المحافظة على أسعار معقولة لهذه المادة الإستراتيجية.
وكيف يمكن الرد على الاتهامات الموجهة للمملكة بتسييس النفط؟
بعد تجربة عام 1973، برزت المملكة بكونها من الدول الأوائل التي اعترفت بأن النفط لم يعد سلاحا، ولا يجب استخدام النفط أداة سياسية تحت أي ظرف من الظروف، بل هو مادة إستراتيجية يجب أن تثمن بناء على منافعها، ولكن الأهمية السياسية للنفط تأتي من كونه مادة إستراتيجية تتحكم في الاقتصاد العالمي وعجلة الحياة والرفاهية والتطور والتنمية.
وإذا كان هناك اتهام للمملكة بمحاولة “تسييس النفط” عبر دعمها قرار “أوبك بلس” بخفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يوميا، فإن التهمة نفسها يمكن ردها على الولايات المتحدة التي حاولت منع تبني قرار التخفيض.
مهمة “أوبك” -ولاحقا “أوبك بلس”- كانت دوما تدور حول قضية مراقبة أسعار النفط، وضمان الاستقرار ومنع التذبذب وتقلبات الأسعار المفاجئة، وهي مهمة ذات قيمة للدول المنتجة والدول المستهلكة لكونها عاملا أساسيا في ضمان الاستقرار الاقتصادي. فالولايات المتحدة ترحب بدور أوبك عندما تقوم بخدمة مصالحها في السيطرة على أسعار الطاقة الدولية، ولكنها ترفض الدور نفسه عندما يتعارض مع المصالح الأميركية؛ فمساهمة أوبك لم تكن دوما مرفوضة من الولايات المتحدة.
المملكة لم تجد تعاطفا أميركيا أو غربيا عندما انخفض سعر برميل النفط إلى 8 دولارات أو أقل، وكانت له نتائج سلبية خطيرة وحتى كارثية على اقتصادات الدول المنتجة للنفط، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.
في ظل هذا التوتر، كيف يمكن تصور العلاقة المستقبلية بين الرياض وواشنطن؟
لا عيب في مبدأ إعادة النظر في أي علاقة وإعادة التقييم لأي تحالف؛ فعنصرا الزمن والتطور وتغييرات البيئة السياسية والإستراتيجية تستوجب تقييم الأولويات، وهذه جميعها عوامل لا تقبل الجمود وقابلة للتغير. ورغم هذه الحقيقة فإنه لا توجد مبررات تسمح بتفكيك الأواصر والأسس القوية التي تقوم عليها العلاقات السعودية-الأميركية.
وفي تقديرنا أن المصالح الإستراتيجية العليا لكلا الجانبين السعودي والأميركي ستتغلب على المواقف الآنية والأزمات الهامشية، فلا يوجد بديل للسعودية عن الولايات المتحدة في مفهوم الشراكة الإستراتيجية، ولا يوجد بديل للولايات المتحدة عن السعودية في مفهوم مجال تأمين الطاقة، والدور والنفوذ الإقليمي.
في تصورنا أن العلاقة السعودية-الأميركية ستتم إعادة تقييمها من كلا الطرفين، وليس فقط من الجانب الأميركي المعلن عنه، وهذا التقييم ضروري لديمومة أي علاقة، خاصة في ظل معطيات تبدل الظروف الدولية وتبدل حاجات ومطالب طرفي العلاقة؛ فالولايات المتحدة اليوم هي غير الدولة التي تشاركت مع المملكة قبل 80 عاما، وخلال الفترة الزمنية نفسها قطعت المملكة شوطا كبيرا في بناء الدولة والمجتمع، وتطوير علاقاتها وتحالفاتها الخارجية.
لذلك نتوقع أن يتم التوصل بين الطرفين إلى صيغة جديدة لديمومة علاقات الشركة الإستراتيجية، ولكن ضمن أطر ومفاهيم ومعطيات تناسب الوضع الدولي القائم، وتلبي الحاجات المستجدة لكلتا الدولتين.
وهل موقف الرئيس الأميركي من السعودية منذ أن كان مرشحا رئاسيا له تأثير في التوتر القائم؟
من دون شك كان موقف الرئيس جو بايدن المعادي للمملكة خلال حملة الانتخابات الرئاسية مصدر قلق وعدم ارتياح في الرياض؛ فالهجمات الكلامية على المملكة وقياداتها لم يكن لها مبرر في حملة انتخابات رئاسية داخلية، ولكن عُدّ هذا الأمر قليل الأهمية لكونه سلوكا مرتبطا بالحملة الانتخابية، ومحاولة مرشح رئاسي لتوظيف “سعودي فوبيا” أو “الفوبيا السعودية” الظاهرة ضمن المجتمع الأميركي كأداة انتخابية تخدم أهدافه.
وعندما تم انتخاب الرئيس بايدن قررت القيادة السعودية فتح صفحة جديدة مع قائد جديد لأهم دولة كبرى شريكة للمملكة؛ لذلك كان موقف حسن النوايا هو الموقف السائد في السلوك السعودي تجاه إدارة الرئيس بايدن منذ يومها الأول.
لكن حسن النوايا من الجانب السعودي لم يقابله موقف مماثل من قبل الإدارة الأميركية، حيث تبنت الإدارة الأميركية الجديدة سياسة النقد والتجريح تجاه مواقف الدولة السعودية وقياداتها، واستغلال الفرص للطعن في مصداقية سياسة المملكة، وتبني موقف غير متوازن بين ما يعد سلبيا وما يعد إيجابيا، ومحاولة التغاضي وتجاوز الإصلاحات والإنجازات والتغييرات الهائلة التي تم إدخالها في الدولة ومجتمعها وأنظمتها وتشريعاتها القانونية، التي قد تعد ثورة إصلاحية بالمفاهيم السياسية.
وفي نهاية المطاف، تمتلك القيادة السعودية القدرة على التعايش مع هذا النوع من المواقف السلبية، ومحاولة تحجيم آثارها السلبية على سياستها الخارجية وعلى علاقاتها مع دول العالم.
خرجت دعوات من الولايات المتحدة لفرض عقوبات على السعودية وحرمانها من استيراد الأسلحة، وسحب أي ضمانات أمنية منها، كيف ترى مثل هذه الدعوات والموقف الرسمي للمملكة منها؟
هذا الأمر ليس جديدا، وهذه الأصوات من الداخل الأميركي مكررة لنفس النغمة وتعزف على نفس الأوتار التي اعتادت عليها المملكة منذ سبعينيات القرن الماضي. وعلاقات التعاون الأمني والعسكري مع الولايات المتحدة شهدت أزمات كبيرة، خاصة نتيجة الضغوط الإسرائيلية، ونفوذ “اللوبي اليهودي”في الولايات المتحدة الذي كان يهدف إلى حرمان السعودية من أي أسلحة أميركية ذات مواصفات تكنولوجية عالية.
فعلاقات التعاون العسكري مع الولايات المتحدة كانت علاقات متذبذبة، ولم تكن علاقات تتصف بالتعاون